يُعد عسر القراءة أحد اضطرابات التعلم المحددة التي تؤثر بشكل واسع على مهارات القراءة ومعالجة اللغة المكتوبة. على الرغم من أن هذه الحالة غالبًا ما تُفهم بشكل خاطئ على أنها مشكلة بصرية، إلا أن عسر القراءة ينبع من اختلافات عصبية في كيفية معالجة الدماغ للغة المكتوبة. تشير التقديرات إلى أن ما بين 5-10% من سكان العالم يعانون من عسر القراءة - ما يعادل حوالي 700 مليون شخص - مما يجعله واحدًا من أكثر اضطرابات التعلم شيوعًا.
يمكن أن يؤثر عسر القراءة على الأفراد من الطفولة وحتى مرحلة البلوغ، ويترك تأثيرًا كبيرًا على النجاح الأكاديمي، والفرص المهنية، والتفاعلات الاجتماعية. وقد أظهرت الدراسات أن التدخل المبكر والدعم التعليمي المصمم خصيصًا قد يُحدث فارقًا كبيرًا؛ حيث يزداد احتمال نجاح الطلاب المصابين بعسر القراءة في المجال الأكاديمي بنسبة تصل إلى 30% عند تلقيهم للدعم المناسب، مقارنة بمن لا يحصلون على المساعدة المتخصصة.
أعراض عسر القراءة والتحديات الإدراكية المرتبطة به
تتعدد الأعراض المتعلقة بعسر القراءة، وتشمل التحديات الأساسية التالية:
• صعوبة التعرف على الكلمات: يؤثر عسر القراءة على قدرة الدماغ في فك تشفير الكلمات المكتوبة بسرعة، مما يقلل من الطلاقة والفهم. أظهرت الدراسات أن الأفراد المصابين بعسر القراءة يقرأون بسرعة أقل بنسبة تتراوح بين 10-20% مقارنة بأقرانهم، مما يساهم في زيادة الإحباط.
• التحديات في المعالجة الصوتية: قد يجد الأفراد المصابون صعوبة في تحليل الكلمات إلى أصواتها، مما يؤدي إلى صعوبة في التهجئة والنطق وحفظ الكلمات.
• بطء في سرعة القراءة وضعف في الفهم: تشير الدراسات إلى أن الطلاب المصابين بعسر القراءة يقضون ضعف الوقت تقريباً في المهام المتعلقة بالقراءة مقارنة بأقرانهم، مما يزيد من صعوبة التكيف مع متطلبات الدراسة أو العمل.
• مشاكل في التهجئة والكتابة: يعاني الكثيرون من صعوبة في التهجئة، مما يؤدي إلى أخطاء أو أنماط غير تقليدية في الكتابة.
• صعوبات في الذاكرة القصيرة المدى والاحتفاظ بالمعلومات: يعاني ما يصل إلى 75% من الأفراد المصابين بعسر القراءة من صعوبات في الذاكرة القصيرة المدى، مما يؤثر على قدرتهم على الاحتفاظ بالمعلومات واتباع التوجيهات.
يمتد تأثير عسر القراءة إلى ما هو أبعد من الأداء الأكاديمي. فقد أظهرت الأبحاث أن أكثر من 60% من الطلاب الذين يعانون من عسر القراءة يواجهون مشاكل في تقدير الذات، مما يمكن أن يؤدي إلى القلق، والاكتئاب، وحتى العزلة الاجتماعية. ونظرًا لأن القراءة جزء أساسي من الحياة اليومية، فقد يشعر الأشخاص المصابون بعسر القراءة بالارتباك من متابعة التعليم العالي، أو التقدم في مسارهم المهني، أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية. ووفقًا للإحصاءات، فإن 34% فقط من الطلاب المصابين بعسر القراءة يلتحقون بمؤسسات التعليم العالي، مقارنة بنسبة 51% من الطلاب بدون إعاقات.
وفي أماكن العمل، يمكن أن يواجه الأشخاص المصابون بعسر القراءة تحديات أخرى، مثل قراءة التقارير، كتابة الرسائل الإلكترونية، أو اتباع التعليمات. وأظهرت دراسة أجرتها “الجمعية البريطانية لعسر القراءة” أن ما يقرب من 40% من البالغين المصابين بعسر القراءة يشعرون بأنهم محدودون في تطورهم المهني بسبب تحديات القراءة والكتابة، مما يبرز الحاجة إلى ممارسات شاملة وداعمة في البيئات التعليمية والمهنية.
التحديات التي يواجهها الأفراد المصابون بعسر القراءة في العالم الرقمي
قدمت التكنولوجيا الرقمية فرصًا جديدة للتعلم، والتواصل، والعمل، ولكنها أيضًا أضافت حواجز فريدة للأشخاص الذين يعانون من عسر القراءة. ووفقًا للتقديرات، فإن 90% من البيئات التعليمية والمهنية تعتمد على المنصات الرقمية للتواصل والتعاون، مما يعزز الحاجة الملحة إلى الوصول الرقمي المناسب. ومن التحديات الأساسية التي يواجهها المصابون بعسر القراءة عبر الإنترنت:
1. واجهات معقدة ومكتظة: تحتوي العديد من المواقع الإلكترونية على كمية كبيرة من المعلومات وتصميمات مزدحمة، مما يجعل من الصعب على مستخدمي عسر القراءة العثور على المعلومات المهمة. أظهرت أبحاث WebAIM أن 47% من الأفراد الذين يعانون من إعاقات إدراكية يتجنبون بعض المواقع بسبب تصميماتها المعقدة أو واجهاتها المربكة.
2. اختيارات غير ملائمة في الخطوط والتنسيقات: يجد الأشخاص المصابون بعسر القراءة صعوبة في قراءة بعض الخطوط، وخاصة تلك ذات المسافات الضيقة أو التصميمات الزخرفية. وقد أظهرت الدراسات أن استخدام الخطوط المناسبة لمرضى عسر القراءة، مثل OpenDyslexic أو Lexend، يمكن أن يحسن سرعة القراءة بنسبة تصل إلى 27%، مما يعزز الفهم وتجربة المستخدم.
3. كتل نصية كثيفة: تشكل الفقرات الطويلة دون فواصل بصرية تحدياً كبيراً، حيث وجد أن أكثر من 70% من الأشخاص المصابين بعسر القراءة يجدون صعوبة في قراءة النصوص المكثفة، ويكونون أكثر عرضة لتجاهل المحتوى الطويل.
4. ضعف التباين والخلفيات المشتتة: تعتبر الوضوح البصري أمراً أساسياً، إلا أن 25% من المواقع الرقمية تقريبًا تفتقر إلى تباين كافٍ، مما يزيد من صعوبة القراءة.
5. عدم وجود خيارات لتحويل النص إلى كلام: تتيح أدوات تحويل النص إلى كلام (TTS) للأفراد المصابين بعسر القراءة معالجة المعلومات بطريقة صوتية، إلا أن 15% فقط من المواقع الكبرى توفر خيار تحويل النص إلى كلام، مما يحد من إمكانية الوصول.
6. صعوبة في التنقل عبر النماذج والعناصر التفاعلية: قد يكون ملء النماذج والتنقل عبر القوائم المنسدلة أو إتمام المهام التي تتطلب الفهم في الوقت الحقيقي تحدياً صعباً. ويشير حوالي 60% من الأفراد المصابين بعسر القراءة إلى صعوبات في إكمال النماذج الإلكترونية، خاصة عندما تكون التعليمات طويلة أو غير واضحة.
لتعزيز الشمولية، يجب تصميم المنصات الرقمية مع مراعاة احتياجات الأفراد المصابين بعسر القراءة، وتطبيق أدوات وتصميمات تعزز سهولة الاستخدام. لا تحسن أدوات الوصول من تجربة المستخدمين المصابين بعسر القراءة فحسب، بل تؤدي أيضًا إلى تحسين تجربة المستخدم لجميع الأشخاص.
منير كحل مبتكر وميسر
نفتخر في “منير” وبعد فترة من الدراسة والبحث بتوفير الأدوات اللازمة لتمكين المصابين بعسر القراءة من التفاعل والاستفادة من الويب والمحتوى الرقمي بسهولة من خلال تطوير مجموعة من الأدوات الممكنة، مثل:
• أول خط عربي رقمي مخصص للمصابين بعسر القراءة.
• أدوات تعديل التباين بخيارات تتيح للمستخدم التحكم في وضوح الصفحات.
• أدوات التركيز وإبعاد الخلفيات المشتتة، مما يمكّن المستخدم من التركيز بشكل أكبر على المحتوى.
• أدوات مساعدة على القراءة ومؤشرات تقدم تتيح متابعة النص بسهولة.
• أدوات تحويل النص إلى صوت لدعم المعالجة السمعية للمحتوى.
• إمكانية التنقل باستخدام الأوامر الصوتية.
وبالإضافة إلى ذلك، نقدم مجموعة من الأدوات الممكنة لتلبية احتياجات المستخدمين ذوي الإعاقات المختلفة.
ختاماً: ضرورة تعزيز الشمولية الرقمية
في ظل اعتماد 90% من البيئات التعليمية والمهنية على المنصات الرقمية وتحول المهام اليومية إلى المجال الرقمي، يصبح تعزيز إمكانية الوصول للويب لمرضى عسر القراءة ضرورة ملحة. نفخر في “منير” بتقديم أدوات مبتكرة تسهّل تفاعل المصابين بعسر القراءة مع المحتوى الرقمي، ونسعى إلى تعزيز الشمولية الرقمية من خلال حلول شاملة وفعالة تخلق فرصًا أكبر للجميع.